على الهامش مثل هذا الضوء

أنا اللي طول عمري على الهامش

في الجامعة هناك عام 2004 جلست مع زميل لي في عامه الأول هناك في مدينة بنها بمحافظة القليوبية بمصر أحكي له كيف يكون مستقبلنا كصحفيين، قال حينها وهو واثق من حديثه يدخن سيجارة: “أنا عارف مستقبلي كويس”.

مرت السنين وتخرجت من كلية الآداب قسم الإعلام جامعة بنها دفعة 2008، حينها كان زميلي يعمل في مؤسسة أخبار اليوم فعليًا لأن والده هو أحد الصحفيين العاملين بها، وحينها تأكدت أن حديثه كان عن علم مسبق بالحالة المهنية في مصر خاصة الصحف القومية التي العمل فيها يحتاج لواسطة وكأنك تلتحق بكلية الشرطة بالضبط.

كانت الصحافة الإلكترونية قد أخذت وضعها بين القرّاء، لذلك بدأت أكتب مقالات في موقع “محيط”، ولم أجد تشجيعًا من زملائي القدامى بالقدر الكافي، فقد كانوا أشبه بأسرة واحدة يرفضون دخول جديد فيما بينهم.

لكنني واجهت ذلك وتحملت وقررت أخوض التجربة، وعملت في العديد من الأقسام ما بين صحفي يغطي الندوات، والمؤتمرات الهامة، وكذلك العمل في القسم الخارجي، إلى أن قررت العمل في قسم الرصد التلفزيوني خاصة وأن برامج “التوك شو” خلال تلك الفترة كانت ضرورية جدًا للقاريء الإلكتروني أن يعلم ما دار بها.

مرت ثلاث سنوات حصلت فيهم على لقب “صحفي إلكتروني” لا تعترف به الدولة المصرية ولا قانونها، حتى أن بعض الصحفيين النقابيين الذين يعملون في الصحف المطبوعة كانوا ينظرون لي أنا وأمثالي نظرة دونية بعض الشيء.

على الهامش علمت أني أعيش في بلاط صاحبة الجلالة، حتى وإن استبدل قلمها بمجموعة من الأزرار، وصفحات إلكترونية بدلًا من تلك الورقية.

استقلت بعد مرور “محيط” بأزمة مالية جعلت إدارته تعطينا 10% من راتبي شهريًا الذي هو بالأساس لم يتجاوز الألف ومائتي جنيه حينها.

انتقلت بعد ذلك إلى موقع “مصراوي”. حينها شعرت بأني أعمل في مؤسسة إلكترونية كبيرة وسأستطيع إثبات نفسي، وما أملكه من مواهب في الصحافة. مرّ عام والثاني والثالث، ولم يتم تعييني مثل زملائي الأصغر سنًّا، والذين خبرتهم في الصحافة أقل بكثير من خبرتي لكنهم أقرب لرئيس التحرير مني.

ثرت حينها وهاجمتهم على حسابي بموقع فيسبوك، فاحتالت عليّ الشركة وفصلتني من العمل دون أن أحصل على أي حق من حقوقي التي ينصّ عليها قانون العمل المصري.

رغم مرور سبع سنوات في عملي في الصحافة الإلكترونية إلا أن يقيني ازداد بأني على الهامش ومازالت الدولة لا تعترف بي كصحفي مثل الصحافيين النقابيين رغم أن عملي يتطلب مجهود أكبر منهم بكثير، وراتبي أقلّ.

نقابة الصحفيين

منتصف شهر مارس العام الحالي انضممت للعمل في مؤسسة التحرير بموقعها الإلكتروني، وكان مسموح لي أن أنشر في صفحتها الأخيرة بعض الفيتشرات، أو الحوارات، وقد كان وسعدت جدًا بنشر باكورة كتاباتي في الصحافة الورقية بعد ممارسة الصحافة الإلكترونية لسبع سنوات.

وقلت لنفسي سأنتظر لأن الورقي أجمل.. أجل سأقف في طابور صاحبة الجلالة العجوز، وأحمل على كتفي أرشيف ورقي يزكيني عند النقيب بعدما يمرّ عام على عملي في المؤسسة.. لكنها كانت أوهام.

فقد أغلق مالكها المهندس أكمل قرطام الجريدة لخسائرها التي تجاوزت الخمس وخمسين مليون جنيه، ومع إغلاقها أغلقت أحلامي التي مازالت حيّة لكن في خيالي فقط.

الأمل لم ينتهِ فقد انتقلت للعمل بجريدة الأهم التي لم يُسمح لها أن ترى النور بعد في نفس المؤسسة التي قد أحدثت ضجيجًا كبيرًا بعد ثورة الخامس والعشرين خاصة في فترة حكم المجلس العسكري لمصر، بصحافتها الجريئة وقلمها الذي عكس أكثر الفترات صعوبة في تاريخ شعب مصر.

عمر حياتي المهنية أصبحت سبعة سنوات ومازالت السنة الثامنة تمرّ وأنا لست معيّن، بل أعمل هكذا على الهامش دون نقابة تحميني لو حدث لي شيء، وفي ظلّ قانون يراني “منتحل صفة صحفي”.